أركان لا إله إلا الله.هذه الكلمة قائمة على ركنين .
الركن الأول .. النفي
الركن الثاني .. الإثبات ..
فالنفي في قولنا لا إله والإثبات في قولنا إلا الله
فالنفي هو نفي الإلهية عما سوا الله أياً كان هذا السوى أيا كان هذا الغير سواء كان نبياً أو ملكاً أو ملَكاً أو ميتاً أو حياً تنفى الإلهية عما سوا الله أياً كان هذا ..
وتثبت الإلهية لله وحده لا شريك له ...
فالقرآن يقرر ويؤكد على هذين الركنين فتجد النفي والإثبات ونفي الإلهية عما سوا الله وإثبات الإلهية لله تعالى وحده في كثير من آيات القرآن الكريم من ذلك مثلا ً..
قول الله تعالى (ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى )
فهذه الآية الكريمة تقرر أن من كفر بالطاغوت ولم يؤمن بالله يلحق العروة الوثقى يلحق يتمسك بالعروة الوثقى التي هي كلمة لا إله إلا الله وكذا أيضاً من آمن بالله ولم يكفر بالطاغوت فهذا أيضا لم يحقق ولم يتمسك بالعروة الوثقى .
وهما أمران لابد منهما ..
الطاغوت كما قال مالك رحمه الله .,هو ما عبد من دون الله وقيم ذلك بعضهم أن تقول ما عبد من دون الله وهو راضي .. حيث يخرج الملائكة والأنبياء والصالحين مما لا يرضون بذلك .
وقال القيم رحمه الله .. الطاغوت ما تجاوز العبد حده من معبود أو متبوع نطاق.
فقد يكون الطاغوت من الأصنام وقد تكون الطاغوت قبر من القبور التي تعبد من دون الله وقد يكون الطاغوت ملك وقد يكون أميرا وقد يكون نظاما فهذه الطواغيت مادام أن حقق فيها هذا الوصف وهو مجاوزة الحد أن يدعي أحدهم التحليل والتحريم أو يدعي أحدهم أن يسألوه ويستغيثوا به أو أن تدفع لهم نذور أو نحو ذلك فإن ما أودع الله تعالى في حق من حقوقه فهذا طاغوت ما دام قد رضي بذلك .. وقال عليه الصلاة والسلام (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه عن النار).
ما صفة الكفر بالطاغوت
صفتها كما قال بعض أئمة الدعوة هو : اعتقاد بطلان عباده غير الله وتركها وبغضها وتكفير أهلها ومعاداتهم .
وقد حقق ذلك إبراهيم عليه السلام سيد الحنفاء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والله أمرنا بالتأسي به حيث قال سبحانه (قد كان لكم أسوة حسنه في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومه إن برآؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بهم وبدا بيننا وبينهم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله ) وهنا نؤكد أنه لابد من معرفة الطاغوت ولا بد من معرفة الشرك والنفاق وكل ما يضاد كلمة لا إله إلا الله من أجل ألا نقع فيه لابد من هذا والكثير من الناس بسبب سذاجته وغفلته تجده يشرك من حيث لا يشعر وهذه مصيبة بان تجد شخصاً يؤمن بالطاغوت وهو يحسب أنه يحسن صنعاً وهذا والعياذ بالله هو عين الخسارة ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
شروط لا إله إلا اللهكلمة لا إله إلا الله لا بد من تحقيق شروطها فلا بدمن اجتماع هذه الشروط كما ينبغي أيضاً الابتعاد عن موانعها وقبل أن نورد هذه الشروط أنبه على أمرين..
الأمر الأول : التي ذكرها أهل العلم من أنتجه؟ تقول أخذها العلماء من خلال التتبع والاستقرار لنصوص الكاتب والسنة فالعلماء رحمة الله عليهم تتبعوا و أستقرأوا ما جاء في القرآن الكريم وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خلال هذا التتبع والاستقراء توصلوا إلى هذه الشروط ويمكن أن نقول بعبارة أخرى أنه من خلال النظر إلى النصوص التي جاءت في شأن لا إله إلا الله وجدوا أن هناك نصوص مطلقه ووجدوا نصوصاً مقيده فحملوا المطلق على المقيد ...
الأمر الآخر : أن هذه الشروط ليس المراد أن نحفظها عن ظهر قلب لكن لابد أن نحققها في حياتنا ونحققها في قلوبنا ..
وقد نبه الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في كتابه الجميل معارج القبول قال رحمه الله (ليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها فكم من عامي اجتمعت فيه و إلتزمها ولو قيل له أعددها لم يحسن ذلك وكم حافظٍ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها والتوفيق بيد الله) أ.هـ الجزء الأول صفحة 377
قيل للحسن البصري (إن ناس يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) فقال رحمه الله (من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة )
أنظر على الحسن رحمه الله عندما كان مع الفرزدق الشاعر المعروف بشعره وهجائه وعندما كانوا يذكرون امرأة الفرزدق قال الحسن( ما عبدت لهذا اليوم ) فقال الفرزدق كلمة جميله :شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنه .. فقال الحسن رضي الله عنه : نعم العدة ولكن للا إله إلا الله شروطاً .......)
وأخرج البخاري في صحيحة تعليقاً أن وحده ينبه لما سئل أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ فقال رحمه الله بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك إلا لم يفتح لك )
ذكر العلماء أنها سبعه شروط وبعضهم زاد ثمانية ..
الشرط الأول : العلم بمعناه المراد منه نفياً وإثباتاً ..
الدليل قوله سبحانه وتعالى ( فأعلم أنه لا إله إلا الله )
وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عثمان ( من متى وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة )أخرجه مسلم
الشرط الثاني : اليقين هناك علم لكن أعلى العلم أن يصل إلى درجة اليقين فاليقين هو كمال العلم فلا بد من اليقين المنافي للشك والريب والتردد والظن فكل ذلك ينافي اليقين ما الدليل على هذا الشرط :قال سبحانه (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) يعني قالوا هذه الكلمة عن يقين وعن رسوخ (ثم لم يرتابوا وجاهدوا في أموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)
وجاء في حديث الذي أخرجه مسلم حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام ( أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يبقى الله فيهما عبد شاك فيهما ويحجب عن الجنة).
الشرط الثالث :الإخلاص المانع من الشك بأن تكون العبادة لله وحده لا شريك له أن نقول هذه الكلمة نريد بذلك وجه الله.. والدليل على هذا قول تعالى (قل إن صلاتي ونيكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له ) وقول سبحانه (فأعبد لله مخلصاً له الدين)
وجاء في حديث إبن مالك أنه عليه الصلاة والسلام قال ( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) أخرجه البخاري ومسلم .
وشرط الإخلاص هو الفارق بين الموحد والمشرك.
الشرط الرابع: الصدق المنافي للنفاق.والصدق هو الفارق بين المؤمن والمنافق . فمن قالها بلسانه و أنكر مدلولها بقلبه فليس بموحد ولا مؤمن كما قال سبحانه عن المنافقين ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين )
وفي الصحيحين من حديث معاذ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار)وقال سبحانه (ليجزي الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء)
وقال ابن عباس في قوله (من جاء بالصدق ) المراد بالصدق أي من جاء بلا إله إلا الله ..
الشرط الخامس : المحبة المنافية للبغض . فلا بد من محبة هذه الكلمة ولما تقتضيه ولما دلت عليه ونحب أهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها ولو كان من أبعد الناس بلداً ولابد أن نحبهم ولابد أن نواليهم .. والدليل على هذا الشرط قال تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله)
ما معنى هذه الآية : أخبر الله سبحانه وتعالى أن من أحب من دون الله شيئاً كما يحب الله فهو ممن اتخذ من دون الله أنداداً ..
وكما قال ابن القيم رحمه الله في مدراك السالكين (المحبة هي حقيقة العبودية وأعلى مراتب التعبد الحب والإله هو الذي يألهه العباد حباً وذلاً وخضوعاً )
يقول ابن رجب رحمه الله في كلمة الإخلاص لما تكلم عن حال السحرة سحرة فرعون لما آمنوا بموسى عليه السلام قال ( هذه حال السحرة لما سكنت المحبة قلوبهم سمحوا ببذل نفوسهم وقالوا لفرعون اقض ما أنت قاض ومتى تمكنت المحبة في القلب لن تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب سبحانه وتعالى )
وهذا هو معنى الحديث الإلهي الذي خرجه البخاري في صحيحه وفيه ( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ) والمعنى كما يقول ابن رجب ( أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مرام الرب وصارت النفس مطمئنة بإرادة مولها عن مرادها وهواها )أ.هـ
الشرط السادس : الانقياد المانع للترك .
فلا بد من الانقياد لهذه الكلمة والقيام بحقوقها من الأعمال الواجبة ..
والانقياد هنا هو الاستسلام لله وحده .
ما الدليل على هذا الشرط .( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى )
وقال سبحانه( وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له )
فلا بد من الانقياد أن تنقاد لهذه الكلمة وأن تقوم بحقوقها فلو أن شخصا قال أنا أصدق وأقول بأن الله هو المعبود وحده لا شريك له .
لكنه لم يعمل عملا من أعمال الجوارح, ترك العمل بالكلية فهذا يمحق شرط الانقياد وعنده تولي وهذا التولي يخرجه عن الملة.
الشرط السابع : القبول المانع من الرد ..
فهناك من يعلم معناها , لكن يرد هذه الكلمة إما من باب التكبر أو التعصب أو الحسد.
ما الدليل على هذا الشرط ؟ قول الله سبحانه وتعالى (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) استكبار فهم يعلمون صدق النبي عليه الصلاة والسلام.
فقال سبحانه (لكنهم لا يكذبون ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )
لكنه الأنفة انفه الجاهلية كما كان عند أبا جهل وغيره ..
لكن بعض الذين يكتبون في هذا الموضوع يفرقون بين الانقياد والقبول فيقولون الانقياد هذا عمل الظاهر والقبول هذا عمل الباطن الذي هو عمل القلب .
الانقياد عمل الجوارح والقبول عمل القلب.
وممن أشار إلى هذا الفرق بينهما ..
فضيلة الشيخ عبدالله إبن جبرين حفظه الله في رسالته الشهادتين
عندما قال أن الانقياد هو بالأفعال وجعل القبول بالأقوال .
وقال بعض الباحثين كالدكتور إبراهيم البريكان في كتابه المدخل
قال أن الانقياد الموافقة بالأفعال الظاهرة وأما القبول هو أفعال القلب.
وورد من الباحثين وهم سفر الحوالي (أما الرضا يشمل كلا الشرطين)
ويستدلون بقوله ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
التحكيم هنا عمل وهذا انقياد
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا هذا هو القبول .
ويسلموا تسليما هذا هو الإحسان
فهذه الآية الكريمة جمعت مراتب الدين الثلاثة.
ذكر بعض أهل العم شرط ثامناً : وهو الكفر بما يعبد من دون الله.
وهذا الشرط لاشك في أهميته بل هو ركن من أركان هذه الكلمة .
والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله وكفر مما يعبد من دون الله حرم دمه وماله وحسابه على الله )
ويضيف بعضهم شرطا آخر : وهو شرط الموافاة .
وهو أن يموت وهو قد حقق هذه الشروط كلها